فصل: السنة الثالثة من سلطنة الظاهر برقوق الثانية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


وتوفي الأمير الكبير يلبغا بن عبد الله الناصري اليلبغاوي قتيلًا بقلعة حلب‏.‏

وهو صاحب الوقعة مع الملك الظاهر برقوق التي خلع الملك الظاهر فيها من الملك وحبس بالكرك‏.‏

وكان أصله من أكابر مماليك يلبغا العمري أستاذ برقوق‏.‏

وتولى في أيام أستاذه يلبغا إمرة طبلخاناه ثم صار أمير مائة ومقدم ألف بالقاهرة في دولة الملك الأشرف شعبان وكان معه في العقبة ثم ملك باب السلسلة من الإسطبل السلطاني كل ذلك وبرقوق لم يتأمر إلا من نحو شهر واحد‏.‏

ثموقع له أمور وحبس ونفي إلى البلاد الشامية على إمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق حتى ولي نيابة حلب عن المنصور علي ثم عن أخيه ثم عن الملك الظاهر برقوق‏.‏

ثم أطلقه برقوق وولاه نيابة حلب ثانيًا‏.‏

فعصى بعد مدة ووافق منطاش وقهر الظاهر برقوقًا وخلعه من السلطنة وحبسه بالكرك‏.‏

ورشح إلى سلطنة مصر فامتنع غاية الامتناع وسلطن الملك الصالح حاجيًا ثانيًا ولقيه بالمنصور وصار هو مدبر مملكته‏.‏

وحكم مصر إلى أن خرج عليه منطاش وكسره وقبض عليه وحبسه بسجن الإسكندرية إلى أن أفرج عنه الملك الظاهر برقوق لما خرج من حبس الكرك وكسر منطاش وتسلطن ثانيًا فأخرجه ولم يؤاخذه‏.‏

وندبه برقوق لقتال منطاش ثم ولاه نيابة الشام بعد قتل الجوباني ثم قبض عليه في هذه السنة وقتله بقلعة حلب ليلته هو وكشلي أمير آخوره والأمير محمد بن المهمندار نائب حماة‏.‏

وقد تقدم ذلك كله مفصلًا في ترجمة الملك الظاهر برقوق الأولى والثانية وترجمة المنصور حاجي فإنه كان في الحقيقة هو السلطان وحاجي له الاسم لا غير فيكتفى بما وقع من ذكره هناك ولا حاجة للإعادة هنا‏.‏

وكان يلبغا الناصري من أجل الملوك عفة وصيانة‏.‏

ولي مصر وخلع الملك الظاهر وولى الملك المنصور‏.‏

ولم يقتل أحدًا صبرًا غير واحد يسمى سودون من مماليك الظاهر‏.‏

ويكفيه من عفته عن سفك الدماء عدم قتله للملك الظاهر برقوق بعد أن أشار عليه جميع أصحابه بقتله‏.‏

وكان مذهبي فيه أن الملك الظاهر برقوقًا لا يقتله أبدًا بل إذا ظهر منه ما يخيفه يحبسه إلى أن يموت مراعاة لما سبق له من المن عليه لما خلعه من الملك والسلطنة وحبسه ولم يقتله‏.‏

انتهى‏.‏

 السنة الثالثة من سلطنة الظاهر برقوق الثانية

وهي سنة أربع وتسعين وسبعمائة‏.‏

وفيها توفي الشيخ الأديب شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن علي الدنيسري المعروف بابن العطار الشاعر المشهور في سادس عشر شهر ربيع الآخر‏.‏

وقد مر من شعره نبذة كثيرة في عدة مواطن‏.‏

ومن نظمه المشهور في الأقباط قوله‏:‏ قالوا ترى الأقباط قد رزقوا حظًا واضحوا كالسلاطين وتوفي الأمير الكبير إينال بن عبد الله اليوسفي اليلبغاوي أتابك العساكر بالديار المصرية بها في رابع عشرين جمادى الآخرة‏.‏

وتولى الأتابكية من بعده الأمير كمشبغا الحموي اليلبغاوي‏.‏

على أن كمشبغا كان يجلس في الخدمة تحت إينال المذكور‏.‏

وكان إينال شجاعًا مقدامًا وقد تقدم ركوبه على الملك الظاهر برقوق قبل سلطنته والقبض عليه وحبسه مدة إلى أن أخرجه برقوق إلى بلاد الشام وصار بها أميرًا ثم نقله إلى عدة ولايات إلى أن ولاه نيابة حلب ثم عزله في سلطنته الأولى عن نيابة حلب وجعله أتابك دمشق ثم ولاه نيابة حلب بعد عصيان الناصري فلم يتم له ذلك‏.‏

وخرج إينال أيضًا على الظاهر ووافق الناصري‏.‏

فلما ملك الناصري مصر ولاه نيابة صفد ووقع له أمور حتى ولاه الملك الظاهر برقوق أتابكية العساكر بالديار المصرية في سلطنته الثانية فدام على ذلك إلى أن مات في التاريخ المذكور‏.‏

وقد تقدم ذكر إينال هذا في عدة تراجم من هذا الكتاب فيها كفاية عن التعريف بحاله‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين بطا بن عبد الله الطولوتمري الظاهري نائب الشام بها بعد أن ولي نيابة الشام أيامًا قليلة في حادي عشرين المحرم‏.‏

وقد ذكرنا أمر بطا هذا في أواخر ترجمة الملك المنصور وكيفية خروجه من سجن القلعة وكيف ملك باب السلسلة من صراي تمر نائب غيبة منطاش وإقامته بباب السلسلة إلى أن قدم أستاذه الملك الظاهر برقوق إلى الديار المصرية‏.‏

وولاه برقوق الدوادارية الكبرى ثم ولاه نيابة دمشق بعد القبض على الأتابك يلبغا الناصري فلم تطل أيامه ومات‏.‏

وكان من أعيان المماليك الظاهرية‏.‏

واتهم الملك الظاهر في أمره أنه اغتاله بالسم والله أعلم‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين ملكتمر بن عبد الله الناصري بطالًا ملازمًا لبيته في حادي عشرين شهر ربيع الأول‏.‏

وكان قديم هجرة في الأمراء‏.‏

تأمر في دولة الناصر حسن ثم أنعم عليه الملك الأشرف شعبان بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية ثم جعله نوبة النوب بعد واقعة أسندمر الناصري ثم نقل إلى إمرة مجلس ثم صار أستادارًا كبيرًا في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة عوضًا عن علم دار المحمدي‏.‏

ثم أخرج إلى نيابة صفد في السنة المذكورة ثم عزل وأحضر إلى القاهرة وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بها‏.‏

ثم ولي حجوبية الحجاب بالديار المصرية مدة سنين ثم تعطل ولزم داره إلى أن مات‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله الطرنطائي نائب دمشق بها في شعبان‏.‏

وكان ولي نيابة دمشق بعد موت الأمير بطا المقدم ذكره فحكم بدمشق ومات‏.‏

وتولى نيابة دمشق الخاصكي أمير مجلس‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد المجذوب طلحة المغربي في رابع عشر شوال بمدينة مصر وكانت جنازته مشهودة ودفن خارج باب النصر من القاهرة‏.‏

وهو أحد من أوصى الملك الظاهر برقوق أن يدفن تحت أرجلهم من الصالحين والعلماء فدفن هناك ثم عمرت التربة الناصرية الموجودة الآن‏.‏

وكان للناس فيه اعتقاد كبير لا سيما الملك الظاهر برقوق‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام العالم العلامة عز الدين يوسف بن محمود بن محمد الرازي الحنفي العجمي المعروف بالأصم شيخ خانقاه الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير ثم شيخ الخانقاه الشيخونية في ثالث عشرين المحرم وقد أناف على السبعين سنة وكان من العلماء‏.‏

وتوفي الأديب الوزير فخر الدين أبو الفرج عبد الرحمن وقيل عبد الوهاب ابن عبد الرزاق بن إبراهيم القبطي الحنفي الشهير بابن مكانس وزير دمشق وناظر الدولة بالديار المصرية والشاعر المشهور بالقاهرة في خامس ذي الحجة‏.‏

وكان أديبًا فاضلًا شاعرًا فصيحًا بليغًا لا يعرف في أبناء جنسه الأقباط من يقاربه ولا يدانيه وهو أحد فحول الشعراء بالديار المصرية في عصره وشعره في غاية الحسن والرقة والانسجام‏.‏

وديوان شعره مشهور كثير الوقوع بأيدي الناس‏.‏

وقد استوعبنا من شعره أشياء كثيرة في كتابنا المنهل الصافي إذ هو كتاب تراجم نذكر هنا بعضها‏.‏

ومن شعره وقد صادره الملك الظاهر برقوق فقال‏:‏ رب خذ بالعدل قومًا أهل ظلم متوالي ولما علقه الملك الظاهر برقوق في مصادرته منكسًا على رأسه قال‏:‏ وما تعلقت بالسرياق منتكسًا لجرمة أوجبت تعذيب ناسوتي لكنني مذ نفثت السحر من أدبي علقت تعليق هاروت وماروت وله - عفا الله عنه -‏:‏ زارت معطرة الشذا ملفوفة كي تختفي فأبى شذا العطر يا معشر الأدباء هذا وقتكم فتناظموا في اللف والنشر وله - سامحه الله تعالى -‏:‏ يقول معذبي إذ همت وجدًا بخد خلت فيه الشعر نملا أتعرف خده للعشق أهلًا فقلت لهم نعم أهلًا وسهلا وتوفي القاضي علاء الدين كلي بن عيسى بن موسى بن عيسى بن سليم بن حميد الأزرقي المقيري الكركي الشافعي كاتب سر الكرك ثم الديار المصرية في أول شهر ربيع الأول ودفن خارج باب النصر‏.‏

وهو أحد من قام بنصرة الملك الظاهر عند خروجه من حبس الكرك وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمة الملك الظاهر برقوق فعرف له برقوق ذلك وولاه كتابة سر مصر وولى أخاه القاضي عماد الدين قضاء الديار المصرية‏.‏

واستمر علاء الدين هذا في وظيفته كتابة وتوفي القاضي علاء الدين علي بن عبد الله بن يوسف البيري الحلبي الشاعر الكاتب المنشئ في رابع عشر شهر ربيع الأول مخنوقًا بأمر الملك برقوق‏.‏

وكان بارعًا في الإنشاء والأدب‏.‏

وخدم جماعة من الملوك إلى أن اتصل بخدمة الأتابك يلبغا الناصري وسار صحبته إلى الديار المصرية لقتال الملك الظاهر برقوق‏.‏

ولما ملك الناصري ديار مصر صار علاء الدين هذا من عظماء مصر ولا زال على ذلك حتى قبض على الناصري وحبس بالإسكندرية فاستمر علاء الدين بمصر‏.‏

فلما عاد الظاهر إلى ملكه وأخرج الناصري عاد علاء الدين هذا إلى خدمته إلى أن قبض عليه الملك الظاهر وقتله وأمسك علاء الدين هذا وحمل إلى القاهرة في الحديد ثم قتل‏.‏

وكان بارعًا أديبًا شاعرًا‏.‏

ومن شعره‏:‏ أرى البدر لما أن دنا لغروبه وألبس منه أزرق الماء أبيضا توهم أن البحر رام التقامه فسل له سيفًا عليه مفضضا وتوفي الأمير عنقاء بن شطي ملك العرب وأمير آل مرا‏.‏

كان قد خرج عن طاعة الملك الظاهر وقتل الأمير يونس الدوادار ووافق الناصري ومنطاشًا‏.‏

فلما عاد الملك الظاهر إلى ملكه لم يزل يرسل إليه الفداوية ويعد الناس في قتله حتى قتلته الفداوية في هذه السنة في رابع المحرم‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قطلوبغا بن عبد الله الصفوي‏.‏

كان أحد أمراء الألوف بالديار وتوفي الأمير سيف الدين قطلوبغا بن عبد الله السيفي طشتمر الدوادار‏.‏

كان أحد أمراء العشرات مات في عاشر صفر‏.‏

وتوفي الشيخ بدر الدين محمد بن عبد الله المنهاجي الفقيه الشافعي المعروف بابن الزركشي المصنف المشهور في ثالث رجب‏.‏

وكان فقيهًا مصنفًا‏.‏

وتوفي الشيخ الصالح المعتقد أبو عبد الله محمد الركراكي المغربي المالكي في ثالث عشر جمادى الأولى وقد قارب مائة سنة‏.‏

وتوفي الأمير الوزير ناصر الدين محمد بن الأمير حسام الدين لاجين الصقري المنجكي المعروف بابن الحسام في ثاني عشر صفر بعد مرض طويل بعد أن ولي الوظائف الجليلة مثل وزر مصر والأستادارية وغيرهما‏.‏

وتوفي القاضي جمال الدين محمود ابن القاضي حافظ الدين محمد بن تاج الدين إبراهيم القيصري الحنفي قاضي قضاة الحنفية بحلب‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قرادمرداش بن عبد الله الأحمدي اليلبغاوي مقتولًا في محبسه بقلعة الجبل في ذي الحجة‏.‏

وهو أيضًا من أعيان المماليك اليلبغاوية‏.‏

وكان من جملة أمراء الألوف بالديار المصرية وأمير سلاح في سلطنة الظاهر الأولى‏.‏

فلما انتصر الناصري على عسكر الملك الظاهر برقوق بدمشق وقبض الناصري على الأتابك أيتمش البجاسي خلع الملك الظاهر على قرادمرداش هذا باستقراره عوضه أتابك العساكر بالديار المصرية وأنعم عليه بثلاثين ألف دينار فأخذها وعصى من ليلته وتوجه إلى الناصري وصار من جملة عساكره‏.‏

فلما ملك الناصري الديار المصرية استقر به أمير مجلس إلى أن أمسك منطاشًا مع من أمسك من حواشي الناصري وحبسه إلى أن أطلقه الملك الظاهر برقوق وولاه نيابة طرابلس ثم نقله إلى نيابة حلب وندبه لقتال منطاش فدام على نيابة حلب إلى أن عزله عنها الملك الظاهر بعد أن أمسك الناصري وأنعم عليه بتقدمة ألف بديار مصر ثم قبض عليه بمصر وحبسه ثم قتله‏.‏

وتوفي الشيخ المحدث المسند بدر الدين محمد بن محمد بن مجير المعروف بابن الصائغ وابن المشارف في ثالث شهر ربيع الآخر‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبعة أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعًا واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏

السنة الرابعة من سلطنة الظاهر برقوق الثانية وهي سنة خمس وتسعين وسبعمائة‏.‏

وفيها توفي الأديب الشاعر زين الدين أبو بكر بن عثمان بن العجمي في سادس عشر ذي الحجة‏.‏

وكان عنده فضيلة وله شعر جيد‏.‏

من ذلك قوله‏:‏ قد عاود الحب قلبي بعد سلوته واستعذب الضيم والتعذيب والنصبا وكان أقسم لا يصبو لظبي نقا فما رأى في هوى غزلانه وصبا وتوفي الأمير زين الدين أبو يزيد بن مراد الخازن دوادار السلطان الملك الظاهر برقوق وأحد أمراء الطبلخاناه في رابع جمادى الآخرة وحضر السلطان الصلاة عليه‏.‏

وأبو يزيد هذا هو الذي كان أخفى الملك الظاهر برقوقًا عنده في نوبه الناصري ومنطاش وأخذ من داره‏.‏

وكان الظاهر توجه إليه واختفى عنده من غير مواعدة فعرف له الملك الظاهر ذلك‏.‏

فلما عاد الملك الظاهر إلى ملكه ثانيًا أنعم عليه بإمرة طبلخاناه ثم استقر به دوادارًا كبيرًا بعد توجه بطا لنيابة الشام فدام على ذلك حتى مات في التاريخ المذكور‏.‏

ودفن بتربته التي أنشأها عند دار الضيافة بالقرب من قلعة الجبل‏.‏

وكان أميرًا فاضلًا عارفًا ذكيًا له يد في فنون وكان يعرف بالتركي والعجمي والأرمني على أنه كان فصيحًا باللغة العربية‏.‏

قلت‏:‏ هكذا يكون الدوادار لا كمن لا يعرف اسمه من اسم الحمار‏.‏

وكان يميل إلى مذهب الصوفية‏.‏

وكان الملك الظاهر يثق إليه ويشاوره في أموره‏.‏

وتولي الوزير الصاحب شمس الدين أبو الفرج عبد الله المقسي في رابع شعبان ودفن بجامعه الذي جدده على الخليج الناصري بالقرب من باب البحر‏.‏

وكان معدودًا من رؤساء الأقباط‏.‏

وتوفي الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير علاء الدين آقبغا آص‏.‏

قال المقريزي رحمه الله‏:‏ كان أولًا من جملة أمراء الملك الأشرف شعبان الطبلخانات ثم نزعها منه لما سخط على والده وتعطل مدة وعق أباه‏.‏

وحكي عنه أمور شنيعة في عقوقه لوالده‏.‏

وسافر إلى اليمن وعاد إلى القاهرة وتنقلت به الأيام إلى أن ولي شد الدواوين بإمرة عشرة مدة‏.‏

ثم أمسك وصودر وعوقب عقوبة شديدة‏.‏

وكان سيء السيرة من أشر خلق الله المتجاهرين بالمعاصي إلى أن توفى في يوم الأربعاء ثامن عشرين شوال‏.‏

انتهى كلام المقريزي‏.‏

وتوفي الأمير الطواشي مقبل بن عبد الله الشهابي شيخ الخدام بالحرم النبوي‏.‏

وكان أصله من خدام الملك الصالح إسماعيل ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون‏.‏

وتنقل في الخدم إلى أن اختص بالأمير شيخون العمري ثم خدم السلطان حسن بن محمد‏.‏

ثم ولي مشيخة الخدام بالحرم النبوي بعد وفاة الطواشي افتخار الدين ياقوت الرسولي الخازندار الناصري وكان مقبل ينوب عنه في الحرم فلما مات ولي مكانه‏.‏

وتوفي قاضي القضاة ناصر الدين أبو الفتح نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح بن هاشم بن إسماعيل بن إبراهيم الكناني العسقلاني الحنبلي قاضي قضاة الديار المصرية بها في ليلة الأربعاء حادي عشرين شعبان‏.‏

وكان مشكور السيرة محبًا للناس‏.‏

وتوفي الشيخ نجم الدين محمد بن جماعة الشافعي خطيب القدس في يوم الأربعاء تاسع ذي القعدة بالقاهرة ودفن خارج باب النصر‏.‏

وتوفي الأمير صارم الدين إبراهيم ابن الأمير الكبير طشتمر الدوادار في شهر رمضان بثغر الإسكندرية‏.‏

وكان من جملة أمراء الطبلخاناه بالديار المصرية‏.‏

وتوفي الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد الأقفهسي الفقيه الشافعي في ثامن عشرين شوال‏.‏

وكان معدودًا من فقهاء الشافعية‏.‏

وتوفي علاء الدين قطلوبغا بن عبد الله الأسنقجاري والمعروف بأبي درقة الكاشف‏.‏

ولي الكشف بجهات كثيرة ووقع له أمور مع العربان وقتل منهم جماعة كبيرة حتى مهد البلاد القبلية‏.‏

وتوفي الشيخ صلاح الدين محمد بن الأعمى الحنبلي مدرس مدرسة الملك الظاهر برقوق في شهر ربيع الآخر‏.‏

وتوفي القاضي شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الضياء المناوي الشافعي شيخ المدرسة الجاولية بالكبش وأحد نواب الحكم بالقاهرة في شهر ربيع الآخر‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وأربعة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وعشرون إصبعًا‏.‏

والله تعالى أعلم‏.‏

السنة الخامسة من سلطنة الظاهر برقوق الثانية وهي سنة ست وتسعين وسبعمائة‏.‏

وفيها توفي الأمير سيف الدين أبرك بن عبد الله المحمودي الظاهري شاد الشراب خاناه السلطانية وهو مجرد بدمشق وبها دفن‏.‏

وكان خصيصًا عند أستاذه الملك الظاهر برقوق‏.‏

وفيها توفي الصاحب الوزير موفق الدين أبو الفرج الأسلمي القبطي تحت العقوبة في يوم الاثنين حادي عشرين شهر ربيع الآخر‏.‏

وكان أسوأ الوزراء سيرة لأنه كان أكره على الإسلام حتى قال كلمة الإيمان غصبًا ولبس العمامة البيضاء وهو باق على دين النصرانية فكان على الناس بذنوبهم‏.‏

ولما كان على دين النصرانية وهو يباشر الحوائج خاناه كان مشكور السيرة حتى أكره على الإسلام فبلغ من المسلمين مبلغًا عظيمًا من الظلم والجور‏.‏

وولي في بعض الأحيان نظر الجيش بديار مصر أيضًا‏.‏

قلت‏:‏ لا ألومه على ما فعله وما الذنب إلا لموليه‏.‏

لم لا أقتدي بمن كان قبله من الملوك السالفة ووزرائهم‏.‏

مثل القاضي الفاضل عبد الرحيم وابن بنت الأعز وبني حناء وغيرهم - رحمهم الله تعالى‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد الصالح رشيد التكروري الأسود في البيمارستان المنصوري في يوم السبت ثالث عشرين جمادى الآخرة‏.‏

وكان يقيم بجامع راشدة خارج مدينة مصر القديمة وهو آخر من سكنه وهو يقصد للزيارة وللناس فيه اعتقاد حسن‏.‏

وتوفي الأمير سلام بتشديد اللام ابن محمد بن سليمان بن فايد المعروف بابن التركية أمير خفاجة من الصعيد في سابع شهر ربيع الآخر وكان من أجل أمراء العرب‏.‏

وتوفي الرئيس علاء الدين علي بن عبد الواحد بن صغير رئيس الأطباء وهو بمدينة حلب في التجريدة صحبة السلطان في يوم الجمعة عاشر ذي الحجة ودفن بها ثم نقل بعد مدة إلى القاهرة‏.‏

وكان من الأفراد في علم الطب والملاطفة ماهرًا في صناعته‏.‏

كان من عظم اطلاعه في علم الطب يصف الدواء للموسر بأربعين ألفًا ويصف الدواء في ذلك الداء بعينه للمعسر بفلس قال المقريزي‏:‏ ‏"‏ وكنت عنده فدخل عليه شيخ وشكا شحة المال فقال له‏:‏ إياك تنام بغير سراويل فقال الشيخ‏:‏ أي والله فقال له‏:‏ فلا تفعل نم بسراويلك‏!‏ قال‏:‏ فصدفت ذلك الشيخ بعد أيام فسألته فقال لي‏:‏ عملت ما قال فبرئت‏.‏

قال‏:‏ وكان لنا جار حدث لابنه رعاف حتى أفرط فانحلت قوى الصغير فجاء به إلى ابن صغير هذا وشكا من كثرة الرعاف فقال له‏:‏ شرط أذنه فتعجب وتوقف فقال له ثانيًا‏:‏ توكل على الله وافعل ففعل ذلك فبريء الصغير‏.‏

وذكر له أشياء كثيرة من هذا النموذج يطول شرحها‏.‏

وتوفي القاضي بدر الدين محمد ابن القاضي علاء الدين علي ابن القاضي محيي الدين يحيى بن فضل الله بن مجلى بن دعجان بن خلف بن نصر بن منصور بن عبد الله بن علي بن محمد بن أبي بكر عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي العمري المصري الشافعي كاتب سر الديار المصرية ورئيسها بدمشق في يوم الثلاثاء العشرين من شوال مجردًا صحبة السلطان الملك الظاهر برقوق ودفن بتربتهم بدمشق‏.‏

وولي كتابة السر من بعده القاضي بدر الدين محمود الكلستاني‏.‏

وتوفي أخوه حمزة بن علي بن فضل الله بعده بشهر فقال في موتهما بعض شعراء العصر‏:‏ قضى البدر بن فضل الله نحبًا ومات أخوه حمزة بعد شهر وكان القاضي بدر الدين المذكور إمامًا رئيسًا فاضلًا في الإنشاء والأدب وله مشاركة جيدة في الفقه وغيره‏.‏

وكان محمود السيرة مشكور الطريقة‏.‏

باشر كتابة سر مصر نحو سبع وعشرين سنة على أنه انفصل فيها أولى وثانية فالأولى بأوحد الدين عبد الواحد الثانية بعلاء الدين الكركي وهو ثالث واحد سمي بدر الدين من بني فضل الله كتاب سر دمشق وآخر من ولي كتابة سر مصر وغيرها من بني فضل الله وبموته خرجت كتابة السر عن بني فضل الله - رحمه الله تعالى -‏.‏

وتوفي القاضي تاج الدين محمد بن محمد بن محمد المليجي المعروف بصائم الدهر محتسب القاهرة وناظر الأحباس وخطيب مدرسة السلطان حسن في تاسع عشر صفر عن سبعين سنة‏.‏

وكان خيرًا دينًا مشكور السيرة - رحمه الله -‏.‏

وتوفي الأمير منكاي بغا بن عبد الله الشمسي الطرخاني أحد الأمراء بديار مصر ثم نائب الكرك في ليلة عاشوراء‏.‏

وكان من أكابر أمراء مصر ولديه حشمة ورياسة‏.‏

وتوفي الأمير زين الدين عبد الرحمن بن الأتابك منكلي بغا الشمسي وابن أخت الملك الأشرف شعبان بن حسين وصهر الملك الظاهر برقوق وأحد أمراء الطبلخانات بديار مصر بها في عاشر شعبان‏.‏

وتوفي الشيخ ناصر الدين محمد بن مقبل الجندي الفقيه الظاهري المذهب في يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الآخرة‏.‏

وكان فاضلًا وله مشاركة جيدة في فنون وكان لا يتكتم الاقتداء بمذهب أهل الظاهر ويحف شاربه ويرفع يديه في كل خفض ورفع في الصلاة‏.‏

وتوفي الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير شرف الدين موسى بن سيف الدين أرقطاي بن الأمير جمال الدين يوسف أحد أمراء العشرات بالديار المصرية في ليلة الأربعاء سادس عشرين ذي القعدة‏.‏

وكان أبوه وجده من أمراء الألوف بالقاهرة‏.‏

وكان يحب علم الحديث ويواظب سماعه وله مشاركة في المذهب‏.‏

وتوفيت الشيخة الصالحة المعتقدة المعروفة بالبغدادية صاحبة الرباط بالقاهرة في يوم السبت ثاني عشرين جمادى الآخرة‏.‏

وكانت على قدم هائل من الصلاة والعبادة‏.‏

وللناس فيها اعتقاد وتقصد للزيارة‏.‏

وتوفي السلطان أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم في ليلة الخميس رابع شعبان بمحل ملكه مدينة تونس من بلاد المغرب بعد أن حكمها أربعًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر ونصفًا وقام من بعده على ملك تونس ابنه السلطان أبو فارس عبد العزيز‏.‏

وكان من أجل ملوك الغرب وطالت أيام ولده عبد العزيز في الملك حسب ما يأتي ذكره في محله إن شاء وتوفي أيضًا صاحب مملكة فاس من بلاد الغرب - السلطان أبو العباس أحمد بن أبي سالم بن إبراهيم بن أبي الحسن المريني ملك الغرب في المحرم وأقيم بعده ابنه أبو فارس عبد العزيز‏.‏

قلت‏:‏ وهو يشارك المقدم ذكره في الاسم والكنية واسم الأب والجد‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وأحد عشر إصبعًا‏.‏

والله تعالى أعلم‏.‏

السنة السادسة من سلطنة الظاهر برقوق الثانية وهي سنة سبع وتسعين وسبعمائة‏.‏

فيها توفي الشيخ برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم الآمدي الدمشقي الفقيه الحنبلي أحد أصحاب ابن تيمية‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين ألطنبغا بن عبد الله الحلبي الأشرفي وهو مسجون بقلعة حلب‏.‏

وكان من أعيان المماليك الأشرفية وأحد أكابر الأمراء بديار مصر‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد المجذوب أبو بكر البجائي المغربي أحد من أوصى السلطان الملك الظاهر برقوقًا أن يدفن تحت رجليه في يوم السبت خامس جمادى الآخرة ودفن خارج باب النصر حيث هي التربة الظاهرية الآن‏.‏

وكانت جنازته مشهودة وأخرجه السلطان وجهزه على يد الأمير يلبغا السالمي وكان للناس فيه اعتقاد لا سيما الظاهر برقوق فإنه كان له فيه اعتقاد‏.‏

وتوفي العلامة صدر الدين بديع بن نفيس التبريزي رئيس الأطباء بالديار المصرية في سادس عشر شهر ربيع الأول وهو عم القاضي فتح الدين فتح الله كاتب السر الآتي ذكره وهو الذي كفله بعد موت جده نفيس‏.‏

وكان مات والد فتح الدين معتصم بن نفيس وفتح الله طفل صغير‏.‏

وكان بديعًا ماهرًا في علم الطب كثير الحفظ لمتونه‏.‏

وهو صاحب التصانيف المشهورة‏.‏

وتوفي الشريف أبو الحسن علي بن عجلان بن رميثة واسم رميثة منجد بن أبي نمي بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن عيسى بن حسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله المحض بن موسى بن الحسن السبط بن الحسن بن علي بن أبي طالب المكي الحسني أمير مكة المشرفة‏.‏

وليها ثماني سنين ونحو ثلاثة أشهر مستقلًا بالإمارة غير سنتين أو نحوهما فإنه كان فيهما شريكًا لعنان بن مغامس بن رميثة ووقع له أمور بمكة مع الأشراف ووقائع وآخر الأمر توجه أخوه الشريف حسن بن عجلان إلى القاهرة يريد إمرة مكة فقبض عليه السلطان وحبسه وبعث إلى علي هذا باستمراره على إمرة مكة فاستمر على إمرتها إلى أن وقع بينه وبين بعض القواد وخرج إليهم علي هذا فبدره بعضهم وسايره وهو راكب على راحلته والشريف علي هذا على فرس فرمى القائد بنفسه على الشريف علي المذكور وضربه بجنبية كانت معه فوقعا جميعًا على الأرض فوثب عليه علي وضربه بالسيف ضربة كاد منها يهلك‏.‏

وولى علي راجعًا إلى الحلة فأغرى به شخص يقال له أبو نمي غلام لصهره حازم بن عبد الكريم جنديًا وعتبة وحمزة وقاسمًا فوثبوا عليه وقتلوه وقطعوه وبعثوا به إلى مكة فدفن بالمعلاة على أبيه عجلان‏.‏

وكان قتله في يوم الأربعاء سابع شوال وولي إمرة مكة بعده أخوه حسن بن عجلان‏.‏

وتوفي الأمير ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك الظاهر برقوق في يوم السبت ثالث عشرين ذي الحجة‏.‏

ومولده في مستهل شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة وأمه خوند الكبرى أرد صاحبة قاعة العواميد ومات بعد أن أعيا الأطباء فى داؤه الذي كان برجليه من أرياح الشوكة وبه مات‏.‏

وكان إقطاعه الديوان المفرد الآن فإنه لما مات جعله السلطان إقطاعه لمماليكه المشتروات وأفرده فسمي المفرد من يومئذ وجعل كاتبه الهيصم‏.‏

وكان محمد هذا أكبر أولاد السلطان وأعظمهم ووجد السلطان عليه وجدًا عظيمًا‏.‏

وتوفي قاضي القضاة ناصر الدين محمد بن عبد الرحمن بن عبد الدائم بن محمد المعروف بابن بنت ميلق الشاذلي الصوفي قاضي قضاة الديار المصرية وهو معزول في ليلة الاثنين تاسع عشرين شهر ربيع الأول‏.‏

وكان أصله من أشموم الرمان‏.‏

ولد قبل سنة ثلاثين وسبعمائة وسمع الحديث وطلب العلم وتفقه ووعظ دهرًا وقال الشعر وأنشأ عدة خطب بليغة وجمع عدة أجزاء في عدة فنون‏.‏

كان يتزيا بزي الفقراء ويتصدى لعمل المواعيد واعتقده الناس وتبركوا به وخطب بعدة جوامع وصار له أتباع وشهرة كبيرة إلى أن طلبه الملك الظاهر برقوق للقضاء بعد عزل القاضي بدر الدين محمد بن أبي البقاء فامتنع ثم أجاب فألبسه الملك الظاهر تشريف القضاء بيده وأخذ طيلسانه يتبرك به‏.‏

قال المقريزي‏:‏ فداخل الناس بولايته خوف ووهم وظنوا أنه يحمل الناس على محض الحق وأنه يسير على طريق السلف من القضاة لما ألفوه من تشدقه في وعظه وتفخمه في منطقة وإعلانه بالنكير على الكافة ووقيعته في القضاة واشتماله على لبس الخشن المتوسط من الثياب ومعيبه على أهل الترف‏.‏

فكان أول ما بدأ به أن عزل قضاة مصر جميعهم من العريش إلى أسوان‏.‏

وبعد يومين تكلم معه الحاج مفلح مولى القاضي بدر الدين بن فضل الله كاتم السر في إعادة بعض من عزله من القضاة فأعاده فانحل ما كان معقودًا بالقلوب من مهابته‏.‏

ثم قلع زيه الذي كان يلبسه ولبس الشاش الكبير الغالي الثمن ونحوه من الثياب وترفع في مقاله وفعاله حتى كاد يصعد الجو وشح في العطاء ولاذ به جماعة غير محبين إلى الناس‏.‏

فانطلقت ألسنة الكافة بالوقيعة في عرضه واختلقوا عليه ما ليس فيه‏.‏

فلما قدم الأمير يلبغا الناصري إلى الديار المصرية وغلب برقوقًا على المملكة وبعثه إلى سجن الكرك كان هو قاضيًا يومئذ فوقع في حق الظاهر وأساء القول فيه فبلغه ذلك قبل ذهابه إلى الكرك فأسرها في نفسه‏.‏

فلما ثار منطاش على الناصري صرف ابن ميلق هذا عن القضاء بالصدر المناوي بعد ما كان أخذ خاله في الفتاوى المكتتبة في حق برقوق‏.‏

فلما عاد برقوق إلى الملك لهج بدمه فتنبهت أعين العدا لابن ميلق هذا وحسنوا للبيدفي أحمد أمين الحكم أن يقف للسلطان ويشكو ابن ميلق المذكور بسبب ما أخذه من أموال الأيتام وكان نحو الثلاثين ألف درهم فضة عنها قريب من ألف وخمسمائة مثقال من الذهب فرفع فيه قصة إلى السلطان فطلبه فجاؤوا به وقد حضر القضاة فأوقف مع النقباء تحت مقعد السلطان في الميدان فحالما مثل قائمًا سقط مغشيًا عليه وصار على التراب بحضرة ذلك الجمع العظيم‏.‏

فتقدم بعض من كان يلوذ به ليصلح من شأنه فصرخ فيه السلطان وترك طويلًا حتى أفاق‏.‏

وادعى عليه البيدفي فلم يلحن بحجة وألزمه القضاة بغرامة ذلك والقيام به للأيتام من ماله ولم يكن المال المذكور في ذمته وإنما كان اقترضه وصره للحرمين فلزمه غصبًا‏.‏

ورسم عليه وسجن بالمدرسة الشريفية ليدفع المال وما زال يورده حتى أتى ذلك على غالب موجوده‏.‏

ثم لزم داره وذهبت عينه وتخلى عنه أحبابه إلى أن مات ودفن خارج باب النصر بتربة الصوفية‏.‏

فلقد كان قبل ولايته حسنة من حسنات الدهر ما رأيت قبله أحسن صلاة منه ولا أكثر خشوعًا مع حسن منطق وفصاحة ألفاظ وعفوية كلام وبهجة زي وصدع في وعظه إذا قص أو خطب إلا أنه امتحن بالقضاء وإبتلي بما أرجو أن يكون كفارة له‏.‏

انتهى كلام المقريزي باختصار‏.‏